المقداد بن الاسود الكندي صفـاتـه وأخـلاقـه و إســلامـه
المقداد بن الأسود الكندي
أول فارس في الإسلام
المقداد بن عمرو . . لماذا سمي بابن الأسود الكندي
المقداد بن عمرو البهرائي
هذا هو اسمه الحقيقي ، واسم أبيه وقبيلته .
فهو المقداد بن عمرو ، بن ثعلبة ، بن مالك بن ربيعة بن عامر بن مطرود البهرائي .
ولكن ، له إسم آخر إشتهر به ، وهو : « المقداد بن الأسود الكندي » . فما هي
حكاية هذا الإسم وهذه الشهرة . . ؟
كان عمرو بن ثعلبة من شجعان بني قومه ، يتمتع بجرأة عالية ربما لم تتهيأ لأحد
غيره منهم ، دفعته لأن ينال فيهم دماً ، فاضطر إلى الجلاء عنهم حفاظاً على نفسه ،
وحمايةً لها من طلب الثأر ، فلحق بحَضرَمَوت
وحالف قبيلة كندة التي كانت تتمتع بهيبةٍ مميزة من بين القبائل .
وهناك تزوج إمرأةً منهم ، فولدت له المقداد .
نشأ الفتى في ظل أبيه ورعايته ، وحنان أمه وعطفها ، ضمن مجتمع ألِفَ مقارعة
السيوف ، ومطاعنة الرمح ، فكانت الشجاعة احدى سجاياه التي إتصف بها فيما بعد ،
حتى إذا بلغ سن الشباب أخذت نوازع الشوق إلى أرومته ومضارب قومه في بهراء تدب
في نفسه فتدفعه إلى تخطي آداب « الحلف » غير مكترثٍ ولا مبالٍ .
فقد أحس أن اغترابه هذا ، وبعده عن الأهل والوطن إنما حدث نتيجة لذنبٍ إقترفه
أبوه حيال قومه ، وأن الحلف لا يعني أكثر من قيدٍ « مهذب » يضعه الحليف في عنقه ،
وأعناق بنيه ! . بالرغم من براءة ساحتهم . . كان هذا الشعور يراوده بين الفينة والفينة
فتستيقظ في نفسه رغبة الإنتقام من حلفائه والتمرد على تقاليدهم ، لذا ، فلم يكن هو
الآخر اسعد حظاً من أبيه ، حيث اقترف ذنباً مع مضيفيه « وأخواله » فاضطر إلى
الجلاء عنهم أيضاً .
فقد ذكروا أنه : حين كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي ـ أحد
زعماء كندة ـ خلافٌ ، فما كان من المقداد إلا أن تناوله بسيفه ، فضرب رجله وهرب
إلى مكة.
حين وصل إلى مكة ، كان عليه أن يحالف بعض ساداتها كي يمنعوه مما يمنعون منه
أنفسهم ، لكن طموحه كان يدفعه إلى إختيار الرجل القوي المرهوب الجانب ، فكان
يتريث في ذلك ، وكان يقول : لأحالفنَّ أعزّ
أهلها ! ولم يخنع ولم يضعف فحالف الأسود
بن عبد يغوث الزهري فتبناه ، وكتب إلى أبيه بذلك ، فقدم عليه مكة .
منذ ذلك اليوم صار إسمه المقداد بن الأسود ، نسبة لحليفة ، والكندي ، نسبةً لحلفاء
أبيه .
وقد غلب عليه هذا الإسم ، واشتهر به ، حتى إذا نزلت الآية الكريمة : ( أدعُوهُم
لآبائِهم ) قيل له : المقداد بن عمرو .
وكان يكنى أبا الأسود ، وقيل : أبو عمرو ، وأبو سعيد وأبو معبد .
ومن أهم ألقابه : « حارس رسول الله »
صفـاتـه وأخـلاقـه
كان فارع الطول ، أبيض اللون ، صبيح الوجه ، يصفّر لحيته ، كثير شعر الرأس ،
أبطن ، ضخم الجثة ، واسع العينين ، مقرون الحاجبين ، أقنى الأنف ، جميل الهيئة ، كما
يستفاد ذلك من وصف إبنته له .
وكان فارساً شجاعاً « يقوم مقام ألف رجل » على حد تعبير عمرو بن العاص وكان
من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو أول
فارس في الإسلام وكان من الفضلاء النجباء ، الكبار ، الخيار من أصحاب النبي ( صلى
الله عليه وآله وسلم ) سريع الإجابة إذا دعي إلى الجهاد حتى حينما تقدمت به سنه ،
وكان يقول في ذلك : أبت علينا سورة البحوث انفروا خفافاً وثقالاً .
وكان إلى جانب ذلك رفيع الخلق ، عالي الهمة ، طويل الأناة ، طيب
القلب صبوراً
على الشدائد ، يحسن إلى ألدّ أعدائه طمعاً في استخلاصه نحو الخير ، صلب الإرادة ،
ثابت اليقين ، لا يزعزعه شيء ، ويكفي في ذلك ما ورد في الأثر :
« ما بقي أحدٌ إلا وقد جال جولة إلا المقداد بن الأسود فإن قلبه كان مثل زبر الح
ديد
» وهو من الذين مضوا على منهاج نبيهم ولم يغيروا ولم يبدلوا .
عظيم القدر ، شريف المنزلة ، هاجر الهجرتين ، وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد
، تجمعت فيه ـ رضي الله عنه ـ أنواع الفضائل ، وأخذ بمجامع المناقب من السبق ،
والهجرة ، والعلم ، والنجدة ، والثبات ، والأستقامة ، والشرف والنجابة
إســلامـه
الذي يظهر من مجمل النصوص أن المقداد كان من المبادرين الأُول لاعتناق الإسلام ،
فقد ورد فيه : أنه أسلم قديماً ، (1) وذكر ابن مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة ،
وعدّ المقداد واحداً منهم .
إلا أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد يغوث خوفاً منه على دمه شأنه في
ذلك شأن بقية المستضعفين من المسلمين الذين كانوا تحت قبضة قريش عامة ، وحلفائهم
وساداتهم خاصة ، أمثال عمار وأبيه وبلالٍ وغيرهم ممن كانوا يتجرعون غصص المحنة
؛ فما الذي يمنع الأسود بن عبد يغوث من أن يُنزل أشد العقوبة بحليفه إن هو أحس منه
أنه قد صبأ إلى دين محمد ؟ ؟ سيما وأن الأسود هذا كان أحد طواغيت قريش وجباريهم
، وأحد المعاندين لمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمستهزئين به وبما جاء ، إنه ـ
ولا شك ـ في هذا الحال لن يكون أقل عنفاً مع حليفه من مخزوم مع حلفائها .
لأجل هذا كان المقداد يتحين الفرص لإنفلاته من ربقة « الحلف » الذي أصبح فيما
بعد ضرباً من العبودية المقيتة ، ولوناً من ألوان التسخير المطلق للمحالف يجرده عن كل
قيمة ، ويُحرم معه من أبسط الحقوق .
وفي السنة الأولى للهجرة قُيّضت له الفرصة لأن يلتحق بركب النبي محمد صلى الله
عليه وآله وسلم وأن يكون واحداً من كبار صحابته المخلصين .
فقد عقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعمه حمزة لواءً أبيض في ثلاثين رجلاً
من المهاجرين ليعرضوا عِير قريش ، وكان هو وصاحب له ، يقال له : عمرو بن
غزوان لا زالا في صفوف المشركين ، فخرجا معهم يتوصلان بذلك ، فلما لقيهم
المسلمون إنحازا إليهم » فكانت بداية الجهاد الطويل !ش