الكثير من الشباب الرسالي يسأل عن شخصية (العارف) وهذا الامام الصادق ( ع ) يبين لنا من هو(العارف بالله)
فيقول عليه السلام : العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله ، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه ، والعارف أمين ودائع الله ، وكنز أسراره ، ومعدن نوره ، ودليل رحمته على خلقه ، ومطيّة علومه ، وميزان فضله وعدله ، قد غني عن الخلق والمراد والدنيا ، فلا مونس له سوى الله ، ولا نطق ولا إشارة ولا نفس إلا بالله ولله ومن الله ومع الله ، فهو في رياض قدسه متردّد ، ومن لطائف فضله إليه متزوّد ، والمعرفة أصلٌ فرعه الإيمان .
وكذلك يتحدث احد العرفاء عن سمات العارفين ، وصفات الأولياء الكاملين فيقول :
فأوّلها : الصمت وحفظ اللّسان الذي هو باب النجاة .
وثانيها : الجوع وهو مفتاح الخيرات .
وثالثها : إتعاب النفس في العبادة بصيام النهار وقيام الليل ، وهذه الصفة ربّما توهّم بعض الناس استغناء العارف عنها ، وعدم حاجته إليها بعد الوصول وهو وهمٌ باطل ، إذ لو استغنى عنها أحد لاستغنى عنها سيّد المرسلين وأشرف الواصلين .
وقد كان عليه السلام يقوم في الصلاة إلى أن وَرِمت قدماه ، وكان أمير المؤمنين علي (ع) الذي إليه ينتهي سلسلة أهل العرفان ، يصلّي كل ليلة ألف ركعة ، وهكذا شأن جميع الأولياء والعارفين كما هو في التواريخ مسطور ، وعلى الألسنة مشهور .
ورابعها : الفكر ، وفي الحديث تفكّرُ ساعة خير من عبادة ستّين سنة ، قال بعض الأكابر : إنّما كان الفكر أفضل لأنّه عمل القلب ، وهو أفضل من الجوارح ، فعمله أشرف من عملها .. ألا ترى إلى قوله تعالى : {أقم الصلاة لذكري } ، فجعل الصلاة وسيلةً إلى ذكر القلب ، والمقصود أشرف من الوسيلة .
وخامسها : الذكر والمراد به الذكر اللساني ، وقد اختاروا له كلمة التوحيد لاختصاصها بمزايا ، ليس هذا محلّ ذكرها .
وسادسها : نظر الاعتبار كما قال سبحانه : { فاعتبروا يا أولي الأبصار } .
وسابعها : النطق بالحكمة والمراد بها ما تضمّن صلاح النشأتين أو صلاح النشأة الأخرى من العلوم والمعارف ، أمّا ما تضمّن صلاح الحال في الدنيا فقط ، فليس من الحكمة في شيء .
وثامنها : وصول بركتهم إلى الناس .
وتاسعها وعاشرها : الخوف والرجاء .
وهذه الصفات العشر إذا اعتبرتها ، وجدتها أُمّهات صفات السائرين إلى الله تعالى ، يسّر الله لنا الاتصاف بها بمنّه وكرمه